الأحد، 6 يوليو 2008

العبقرية والفناء المبكر

العبقرية سمة عقلية يمنحها الله من يشاء من عباده تفرد بحقيقتها وكنهها، وأضحت بعدذلك الأفهامُ البشرية حائرةً في سرها. فالعبقرية بحر لجيُّ متلاطمُ الأمواج عميقُ القعر مترامي الأطراف يكبو قلمي الهزيل أن يغوص في أعماقه ،ولكنها سحبٌ خيمت على فؤادي فأمطرتني وابلاً من الأحزان بعد ماتوصلتُ إلى حقيقة تثبت أن العبقرية في تاريخنا منذ الأزل محاطة بثنائية لم تتحرر منها حتى هذه الساعة التي أكتبُ فيها هذه السطور. أولاها تمخض العبقرية من رحم المعاناة وبزوغها في الإنسان عندما تحيط به منغصات الحياة وأوصابها إحاطة الأسورة بالمعصم. وثانيها يهون لدى أولاها وهو الفناء المبكر الذي يغيب العبقري عن الوجود حالةَ نضج العبقرية وإشراقة بريقها من عينيه وإليك واقعة تاريخية تثبت ماذهبت إليه وذلك عندما وقف الشاعر العبقري أبوتمام يمدح الخليفة العباسي المعتصم بالله قائلاً:
إقدام عمرو في سماحة حاتم ***** في حلم أحنف في ذكاء إياس
وكان في حضرة الخليفة الفيلسوف الكندي فأرد أن يوقع الخلاف بين الخليفة المعتصم بالله وإبي تمام قائلاً والله أيها الخليفة مازاد على أن شبهك بأجلاف العرب فأسعفت العبقرية أباتمام فارتجل قائلاً :
لاتنكروا ضربي له من دونه ***** مثلاً شرودا في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنـــــوره ***** مثلاًمن المشكاة والنبــــــراس
أُحرج وسقط في يد الفيلسوف الكندي من سرعة البديهة لدى أبي تمام فقال إن هذا لن يعيش طويلاً وإن ذكاءه سيأكل من عمره كما يأكل السيف من غمده وقد صدق وأيمُ الله فقدمات أبوتمام وعمره ست وثلاثون سنه ولم يعمر طويلاً ولم تلبث أيدي المنون تتخطف مشاهير العباقرة في تاريخنا وهم في شرخ الشباب وريعان العمر الذي لم يمتعوا فيه فدونك على سبيل المثال لاالحصر المتنبي وأبوفراس الحمداني وابن زريق البغدادي ودوقلة المنبجي والخليل الفراهيدي وسيبويه وأبومسلم الخراساني وعبدالله بن المقفع وأبوالقاسم الشابي ودغفل النسابة وعبقري الأسلحة النووية في العصر الحديث يحى المشد والسلسلة من الأسماء يطول سردها لأولئك العباقرة الذين ذووا جسداً وبقوا فكراً وعلماً مشرقاً بيننا وإنْ أغمض الموتُ أعينهم مبكراً حقا إنها مأساة يطرق الرأس لها أسىً و شجىً وينتقل بهذه المأساة من التفكير بالصمت إلى التفكير بصوت مجلجل علَّ فوهة البركان أن تتسع بنقلها للأخرين ليدركوا أن محور التقدم وحصن الحاضر وعدة المستقبل وهم عباقرتكم يدركهم الأفول قبل الأوان والذبول قبل الإيناع فماذا أنتم فاعلون !!!!؟؟؟

الاثنين، 26 مايو 2008

أيها الـــــــــــفكر من سلبك


الفكر نشاط ذهني لتفسير التعاليم الدينية ، ومرتكز للمعايير والقيم ،ومنبع التصور التكاملي للكون والحياة ،وملاذ لكل نتاج العلوم والمعارف يهيمن على الجنان ويسير الأركان فمنه تتبلور ولاءات الفرد ،وتنطلق انتماءاته وقد بين ابن خلدون مدى طواعية الحواس وانقيادها للفكر قائلاًً (( ولمَّا كان العدوان طبيعيا في الحيوان جعل لكل واحد منها عضوا يختص بمدافعته ما يصل إليه من عادية غيره وجعل للإنسان عوضا من ذلك كله الفكر واليد فاليد مهيئة للصنائع بخدمة الفكر)) ولمَّا كان للفكر دورا لقيادة والهيمنة على نوازع الإنسان وتطلعاته فقد مر عبر الحقب التاريخية إلى هجمات حربية شرسة حاول فيها أربابها نقل حضارتهم وثقافتهم على فوهة البندقية وعنق المدفعية لبسط نفوذهم على أي طيف بشري أو شريحة إنسانية تتحضر بغير حضارتهم أو تنهج نهجاً يصادم قيمهم وسلوكهم وحينما باءت تلك الهجمة الهمجية بالفشل و أصيب متولو كبرها باليأس والإحباط جراء عدم نجاحهم في تحقيق مرادهم بالقوة والعنف جنحوا إلى الاستلاب الفكري وكانوا يتطلعون من وراء ذلك إلى تضليل الوعي و اعتساف النفس لتسير مسلمة بما يملى عليها من متطلبات دون أدنى مخالفة أو رفض لدورها المزمع لها وعندما نتقصى أبرز المراحل الاستلابية للفكر نجد أن أوربا واجهت أعتى حملة استلابية للفكر من الكنيسة بعد أن فرضت على رعاياها قضايا عقدية وطقوسا دينية وحجبت أسرارها بِسُجُف قدسية أمام من يدفعه حبُّ المعرفة للتساؤل عن حقيقتها أو عن حِكَمِها وطالبت بالتسليم لها دون نقاش حتى لا تُكتَشفُ نواياها ومزاعمها وسعت سعيا دؤوبا لسد جميع السبل المؤدية إلى تحريك العقل وإيقاظه من غفوته تحت غطاء الدين واعتبرت السؤال عن تلك الطقوس التعبدية كفر ،و موجوب الطرد والإبعاد عن الرعاية البابوية وما ذاك إلا لعلمهم التام بأن تلك الطقوس الدينية لا تصمد أمام تلك المناقشات بل ستتداعى أصولها عندما يتفكر العقل في حقيقتها و يتأمل أبعادها فسيَّرت الكنيسة العقل آسيراً لذل طغيانها و جعلته في ليل بهيم مجرد من مَلَكَات التفكير؛حتى لا يخرج عن طاعة الكنيسة ولا يبرح حظيرتها بل يظل تحت شرائعها و عاكفا ،ولأوامرها ممتثلاً((يصف تشارلس ديكنز مشهداً من مشاهد الذل الروحي الذي كان يمارسه رجال الدين الكنسي فيصف شارعا من شوارع باريس والمطر ينهمربقوة والشارع مملوء بالطين والأقذار والوحل وموكب الكاردينال أحد(مستلبي فكر الناس انذاك) على حصانه يمر في الطريق والناس محتشدة على صفين ترقب ذلك المشهد بقلوب خائفة واجفة وتنتظر اللحظة الهائلة التي يحاذي الموكب فيها رؤوسهم فتهوى الرؤوس خشوعا ومذلة للمركب الموقر وتظل تهوي حتى تلتصق بالأرض في الوحل والطين والقاذورات)) تسليم وتبعية عمياء حظيت بها الكنيسة بعد أن استلبت الفكر وانقادت له الجوارح بإذعان تام مع رهبة وخشية في أداء تلك الشعائر الكنسية من غير فيئة في ذلك ومن يشع في فكره شذرات تفكر فتحدوه إلى اكتشاف علمي يؤول به الأمر إلى محاكم التفتيش حيث هناك يلقى جزاءه الأوفى والتاريخ الأروبي يقدم مشاهير أمثال كوبرنيكوس وجاليليو خرجا عن جوقة العميان فكريا وصدعوا باكتشافاتهم لكروية الأرض فكان مآلهم للسجن والحرق ليكونا شهيدي الحقيقة والإرادة وبعد أن وصلت مصادرة العقل منتهاها واستلاب الفكر غايته وضاقت البرية ذرعا بصراع العلماء مع رهبان الكنيسة فتمخض عن ذلك الصراع ثورة عارمة ضد القيود الكنسية فاهتبل اليهود تلك الثورة وركبوا موجتها ووجهوها لما يخدم مآربهم وأطماعهم فولجوا قلوب الناس من ثغرات أحدثتها الكنيسة كان من أبرزها محاربة العقل والعلم فدعموا النهضة العلمية التي غشيت أوربا لتهيئ لهم تولي مقاليد الأمور و تمهد لهم السبيل في استلاب الفكر بعد انزياح دور الكنيسة عن مسرح الأحداث وروجوا الكثير من النظريات العلمية ومن أبرزها نظرية دارون التي أسماها(التطور والارتقاء) ونظرية فرويد في علم النفس ونظرية (العقل الجمعي)لدور كايم في علم الاجتماع وجميعها تصب في مستنقع عفن هدفها أن تصل إلى غاية مفادها إيجاد قواسم مشتركة بين الإنسان والحيوان وترمي من وراء ذلك إلى اجتثاث جذور الدين من القلوب المشرئبة به ونزع القيم الأخلاقية وإزالة جميع المعايير الإنسانية التي يستمد الإنسان منها كرامته وبها يتسامى عن الدنايا الحيوانية وما ذلك الا ليتسنى لهم تسيير الأمميين والوصاية على عقولهم ليتحقق لهم ما يصبون إليه ولم يكن الفكر في الشرق العربي بمنأى عن الاستلاب فلقد أظلته أزمنة حاولت أطراف تغيير صورة المجتمع الثقافية عبر بوابة العنف والبطش وجيشت جنودا لأجلها و انطلقت بثورة الزنج وانبثقت من البصرة ولكنها ما لبثت أن اصطدمت بإرادة المجتمع فآلت الأمور بها إلى حيث لا اقتناع فكري ولا استقرار مكاني مما جعل أصحابها يعيدون الكرَّة غير يائسين من فشلهم في لمحاولة الأولى ولكن عبر وسيلة سلمية ترجمتها رسائل الصفا وخلان الوفا أخفوا أسماءهم وبثوها في مهيع الثقافة آنذاك وهو سوق الوراقين وأظهروا أن مقصدهم من تلك الرسائل يهدف إلى تجديد الشريعة وتنقيتها من الجهالات ولكن مضمونها يسفر عن نوايا مبطنة تهدف إلى إذابة الفوارق بين الأديان ودس كثير من الفلسفات المتصادمة مع حقيقة الدين ليحصل المؤمل من وراء ذك وهو استلاب المجتمع فكريا ليتمكن لهم تطويعه والهيمنة عليه ومن ثُمَّ تشكيل العقول حسب ا لرؤى التي تتماهى مع متطلباتهم وتوافقأ هدافهم.ولا تزال أحداث الاستلاب الفكري مستمرة الفصول فان توحدت الغايات فالأساليب متجددة بتجدد الأيام مستغلة كل جديد تهبه الحياة لأبنائها ومما وهبته ابتكارات الحياة في هذه الأيام الإعلام العلا ع الذي ولج المنازل وملك أزمة الأفئدة وأعنة العقول وأصبح موردا معرفيا يتسابق الناس إليه كل يلقي دلوه لينهل منه بغيته التي يشتكي منها عطش الجهل مما جعل بعض الأطراف تستغل ذلك المورد الذي يزدحم الناس عليه لتبث فيه سمومها مستلبة فكرهم بعد أن تُنَمط تلك اللوثة بأنماط شتى تارة عبر برامج تصبغها بصبغة ثقافية لتناقش فيها مُسَلَّماً دينيا أو قضية من قضايا الشرع كقضية الجهاد أو حجاب المرأة أو ولاية المرأة وتزيل عنه ستار القداسة ليلغ الناس فيه بأهوائهم فتصيروه كأي قضية اجتماعية ممنوحة متساعا من هامش الحرية ،أوتعمد إلى الإسقاط التاريخي عبر المسلسلات الدرامية فتتناول شخصية كأبي نواس أوحماد عجرد وتسهب في سرد حياة المجون واللهو والعبث التي مارسها كل واحد في حياته وتعممها على ذلك العصر لتبين للمشاهد بأن المسلمين الأوائل يعيشون حياة ترف وخنا والنتيجة التي يتلمسونه من وراء ذلك تشويه التاريخ الإسلامي ،أو تعمد إلى رموز الحضارة الإسلامية أمثال خالد بن الوليد أو الأمين والمأمون أو عمر بن عبد العزيز فتسم تاريخهم بالاستبداد والهيمنة على الرعية أوتسمه بالصراع الدائم واستحلال الدماء والأموال من أجل السلطة وما ذاك إلا لتلغي الأعمال البطولية التي يتشرف التاريخ بتدوينها في سجلاته و تسقط رمزا بطوليا وصورة القدوة المثلى الذي بنى مجدا وفتح دنيا ونشر خضارة ليذهب الجيل بعد هذا الاستلاب الفكري إلى إشباع رغبة الاقتداء بشخصيات لا تمت لدينها وأمتها بلون ولا لغة ولا نسب وربما قفزت تلك المسلسلات على خط القيم والسلوك موغلة في دراما العشاق والحكايات الغرامية التي ترفع العشيقين في مصاف الأبطال حيث كسرا سورة القيم والأعراف وحقق مراميهما رغم الصعاب فالرذيلة جاءت في زي الفضيلة كل ذلك لنزع الحشمة من الأفئدة فهل يا ترى بعد هذا تستيقظ الضمائر في ذواتنا أم نظل في سباتنا لننتظر ماذا سيكشف لنا مستقبل الأيام من حيل استلابية للفكر إني أتساءل ؟

الذات المغيبة


يحكى أنَّ أحد الأمراء كان ينشد شعراً أمام مدعويه ، وبعد أن انتهى من إلقاء
القصيدة سأل أعربياً كان جالساً وسط الحاضرين :
هل أعجبتك القصيدة ؟ أليست بليغة ؟فقال الأعرابي : ليست بها رائحة البلاغة
فغضب الأمير وأمر بحبسه في الإسطبل وظل المسكين محبوسا فيه شهراً كاملاً إلى أن أفرج عنه الأمير وعاد إلى المجلس وذات يوم أنشد الأمير قصيدة أخرى وقبل أن ينتهي من إلقائها نهض الأعرابي وهمَّ بالخروج من المجلس فنظر إليه الأميرُ وسأله إلى أين فقال إلى الإسطبل يا مولاي إنها حكاية تتأرجح النفس فيها بين السرور والأسى. إنها حكاية تُضحِك وتُبكي فلا نستطيع أن نخفي ضحكة انتزعتها من أفواهنا ،ولا ننكر جرحاً أوغرته في قلوبنا.
إنها حكاية تُضحك وتُبكي لا حزناً ولا فرحاً بل عجباً من واقع مرير ألقى بظلاله على منطق الأمير إبـّان تعامله مع صراحة الأعرابي ويا لبؤس!ذلك الواقع الذي تلاشت فيه نقطة الاتزان ،واغتيلت الصراحة ، وغيبت الحقيقة على حساب مجاملة مشوهة بريق الفضيلة .
إنها حكايةٌ تمجد بطولة إنسان آثر عفن الحضيرة على بهرج الحضارة في سبيل أمانة الكلمة ونزاهة الرأي بل والصمود الشاق مغبة أن يرتكبَ جناية تزييف الحقائق، و تغيير معالم المثل وفي الوقت نفسه تصوِّر صدعاً في خارطتنا الثقافية زاد من سحاقته عزوف نخب المجتمع عن كشف أقنعة سلوكيات التملق، وتقويم ما اعوج من مفاهيم بائدة طال عليها الأمد حتى أقصت الجميع عن ركب الحضارة.
فإن كانت تلك الحكاية هي الأولى التي تعبر تاريخ الإنسانية فلن تكو ن الأخيرة طالما أن المجتمع آل المصلحة الخاصة على مصلحة الجميع وأنى تكون الأخيرة وقد فُقدت من النفوس أهم مرتكزات التغيير وأسسه وما أخالها الأخيرة ودوافع الحقيقة أضحى هاجساً ترتعد منه الفرائص بل تتقاذفنا في دوامة الشك المظلمة.
فإن يكن الأعرابي طلب من مولاه أن يرجعه حضيرة الإسطبل لينجو من التملق الاجتماعي المقيت فإن أبا العلاء المعري تمنى الموت لينتشله من قيم هيمنت على عقول مجتمعه حاول جاهداً أن يغير كثيراً منها ، ولكنه أخفق وما استطاع إلى ذلك سبيلا شعر بعدها بالغربة الروحية وفقدان الذات وظل أسيراً لها حتى باح عن كآبته قائلاً :
فيا موت زر إن الحياة كئيبة ****** ويانفس جدي إن دهرك هازل
ولم يكن أبو العلاء بدْعاً في أمنيته بل سبقه المتنبي إلى تلك الأمنية بعد أن أعيته تلك الرواسب الفكرية المستشرية بين أبناء قومه و يئس من رؤية شعاع الوعي يضيء عقولهم ساعتها أحرق كلَّ أوراق التفاؤل من حياته وجعل المنايا أمانيا لكي تخرجه من واقعة الذي لم يجد فيه ذاته بل رأى مداً مستعصياً من وهدات السلوك الاجتماعي فزفر زفرته قائلا :
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ****** وحسب المنايا أن يكن أمانيا
تمنيتها لما تمنيــــت أن ترى ******* صديقا فأعيا أو عدوا مداجيا
إن المآزق الاجتماعية التي مُني بها كل من ذلك الأعرابي ومثله المتنبي والمعري ماهي إلا حالات استثنائية لم تر ق إلى مرتقى الظاهرة الملموسة في المجتمع وما ذلك إلا لغياب النخب المؤمل فيها الأمل الكبير عن رسالتها السامية النبيلة في الحياة.
فمتى تكثر تلك النخب التي تعنى بشرف الكلمة ،وسلامة الفكر، واتزان المنطق تتلمس جادة التطور والارتقاء في مرتقى الهرم الحضاري ، تعشق الديناميكية وتخشى الانكفائية حتى لا تصيبها الأسونة أو تتخذها العناكب مأوى لهالا يضيرها تبعات الصدع بالحقيقة وإن كانت المكافأة ألف إسطبل أو معاداة جحافل من الدهماء فإنها علامة النجاح كما وصفها جين فاولر قائلا( إن النجاح كما عرفته من خبرة سنوات طويلة عبارة عن بالون بين أطفال مسلحين بدبابيس حادة) ووصفها سويف بقوله (عندما يظهر عبقري حقيقي في العالم فإنك تستطيع أن تعرفه بهذه العلامة وهي تحالف الأغبياء ضده) ترى متى تتغير تلك السمات المغلوطة التي وسم بها كل من تتوق نفسه إلى إرساء الحقائق ومتى نضع الأمور في نصابها السليمة وهل يا ترى يسعفنا الأجل أن نراها واقعا ملموسا ًأم تبقى أمنية سابحة في عباب الخيال إني أتساء ل والنفس يحدو ها أمل مشرق أن ترى معالم الوعي تلوح في الأفق الرحب مبددة تلك الرواسب الاجتماعية التي حجبت الحقيقة عن أعيننا مليّاً

رسالة إلى رئيس النادي السعودي بساوثهامتون


لقد شرفت بالمشاركة مع زملائي الكرام أعضاء النادي السعودي في الاحتفال بتوديع الكادر الإداري الذي تجشم حمل الرسالة عاماً كاملاً بكل أمانة وإخلاص ولم يتوان ساعة من نهار في تقديم مايسر الأعضاء الأفاضل، فأصالة عن نفسي ونيابة عن زملاء الكرام أزجي لهم خالص الدعاء وأصدقه، وأخص منهم رفاقي في درب الغربة عوض الراشدي ومحمد الدوسري وفيصل العديل
ثم تمخض عن هذا التكريم انتخاب لاختيار الرئاسة الواعدة لأقولها بكل صدق لقد عكس هذا الانتخاب صورة حضارية ونضج معرفي حيث تمكن رئيس النادي من فوز ساحق وبقبول الجميع بكل نزاهة وإنصاف فتقلدها زميلنا أبو رامي الزهراني أيها الرئيس القادم جعلك الله خير خلف لخير سلف، أيها الرئيس إن الحمل ثقيل والطريق طويل فلا تبتئس نحن سواعدك الفتية التي لاتكل ولاتمل ،أيها الرئيس خذ الراية وقد مسيرة النادي ولا تبالي بالصعاب ،أيها الرئيس إن نفسي تؤمل فيك أمالاً كبيرة فاروي عطشنا بالجديد وبكل طريف يبعث الشوق للقلوب،أيها الرئيس إني أقرأ في ملامحك معالم الطموح فأملي أن لا يقتله عدم إدراك رضا الآخرين ،أيها الرئيس إن دماء الاندفاع تدب في عروقك فلا تكبح اندفاعها بتسويف مشاريعك التي ستقدمها لزملائك في النادي ،أيها الرئيس لتكن قضايا النادي من أولوياتك ولتجعلها نصب عينيك في كل حين لتسير بعجلة التقدم إلى الأمام ،أيها الرئيس إنّ فينا من لا يستغني عنك بعد الله في كل برهة فليسعه حلمك، ولتشمله ابتسامتك التي لا تفارق محياك، أيها الرئيس إنه من الصعوبة بمكان أن يجتمع الأعضاء على قلب رجل واحد في القرار ولكن لتغلق مدخل الشيطان في النفوس بالشورى فهي خير علاج لإتلاف القلوب، أيها الرئيس بيدك مفاتيح سحرية بها تجعل أفئدة الزملاء يسارعون لحضور اجتماع النادي فلتبادر باستخدامها ،أيها الرئيس عذرا على الإطالة فيقيني أنك أوقفت الكثير من أولوياتك وأعمالك من أجل أن تقرأ رسالتي لك فالشكر على هذا الوقت الثمين الذي صرفته لها أيها الرئيس يسر الله أمرك وشرح صدرك وسدد الله على دروب الخير خطاك

المهرولون إلى الوراء

تذهب بكثير من الناس الأفكار التي يرجون من ورائها الارتقاء بهم في سلم المعالي ،ولكنها أفكار غير محصنة من الهفوات و الإخفاقات فهي ضرب من المجازفة التي يرى بأنه إن أخفق فيها من تحقيق هدفه فقد كسب الخبرة، وكأنه قد صير حياته أشبه ما تكون بمعمل تجارب يخوض فيها جنون بنيات أفكاره التي تتمخض عصفاً ذهنياً دون روية أو تأمل في العواقب والتبعات ،عذراً إن قلت إنها سطحية في نمطية التفكير وصاحبها نسي أن عمره يتقاصر بين الشهيق والزفير، ونسي أن شرخ الشباب مآله للذبول ونسي همته ستخبو للانطفاء وأنه سيدخل بعدها إلى هاجس التفكير في مضي السنين ،وأن هناك سؤال سيؤرقه كثيراً وهو ماذا قدم من إبداع سيخلد ذكره في الحياة ومن فريدة عصرية ستحمده عليها الأجيال القادمة أيها المجازفون بأفكاركم السرابية اتفق معكم إنها دينامكية وهرولة ولكنها هرولة إلى الوراء.